جزاء المثابرة
نقلا عن كتاب باستور عدو الجراثيمالنصّ
تنقّلتِ الأسرةُ إلى أماكِنَ مُتعدّدةٍ، ثمّ استقرّت في مدينةِ "
أرْبوا "، و دخل " لويس " مدرسَتَها الابتدائيّةَ، و هُناك كان مِن
الأوائلِ في صَفّهِ على الدّوامِ، كما أحرزَ جوائز عديدةً لِبَراعتِهِ في
الرّسْمِ. و في الثّالِثَةَ عَشْرَةَ مِن عُمُرِهِ، كان مِن المنتَظرِ أن يتعلّمَ
فنَّ الدِّباغَةِ، إلى جانِبِ إبداعِهِ في الرّسْمِ، و لكنْ شَاءَ القَدَرُ أن
يَكُونَ مُدِيرُ المَعْهَدِ، السيّدُ " رُومَانِيهْ " رَجُلا بَعِيدَ
النّظَرِ، يُحِبُّ تلامِذَهُ، و يَعْمَلُ على إنْمَاءِ مَواهِبِ المَوْهُوبِينَ
مِنْهُمْ، فما كان يَكْتَفي بِتَلْقِينِهِم العُلُومَ، بل يَحْرِصُ على
تربِيَتِهِم و تدْرِيبِهِم على التّفكيرِ... و كان " لويس " يبدو بطيئا
في عملِهِ، إلاّ أنّه لم يكُن خامِدَ الذّهْنِ. و قد لاحظَ السيّدُ " رومانيه
" أنّهُ شَدِيدُ العِنَايَةِ بما يَعْمَلُ، وافِرُ الانتِباهِ، دقِيقُ
المُلاحَظَةِ، و أنّ وراءَ هُدُوئهِ و بُطئهِ ذَكَاءً مُتوقِّدا، فَبَادَرَ إلى
تشْجِيعِهِ. ها هُوَ يتحدّثُ مَعَهُ بِلُطْفٍ عن مُسْتَقْبَلِهِ، و يُغذّي في
نفسِه الأمَلَ بِدُخُولِ دَارَ المُعلّمينَ الشّهيرَةِ في بارِيسَ ليُصبِحَ أستاذا
في إحدى المَدارِسِ.