الشّرح
التّقديم
نصّ سردي يتخلّله الوصف للأديبة التونسيّة " مسعودة أبو بكر "، استمدّ
من " عقد المرجان " و يندرج ضمن محور: " الحيّ
"
الموضوع
حنين السّاردة إلى الحيّ العتيق و أهله الطيّبين
المقاطع
حسب المعيار: الزّمن
= من البداية ========= العتيق: الحاضر
= من أفتقد ======== باللّطف: الماضي
= البقيّة: الحاضر
المقطع الأوّل: الحاضر
أسكُنُ / أفتقِدُ: مضارع يُعبّر عن عدم الانقضاء
حيّ راق: مركّب نعتي
صفعتني الغربة: تشخيص ( استعارة )
الغربة: فاعل
راق // عتيق: طباق
جاد، يجودُ: تكرّم عليه
الغيثُ = المطر
همَى: سقط، نزل، سال
يضطلع الرّاوي في هذا النصّ بوظيفتين:
= سرد الأحداث
= المشاركة في الأحداث
راو=شخصيّة
القرينة الدّالة على ذلك: استعمال ضمير المتكلّم المفرد ( أنا )
تُعاني السّاردة في هذا النصّ من غربة خانقة بسبب انتقالها إلى حيّ جديد: غربة
متواصلة مستمرّة
غربة أفقدت الشخصيّة فاعليّتها و حوّلتها إلى مفعول به الهواجس و المشاعر
المضطربة
هناك تمزّق بين الموجود ( الحيّ الجديد ) و المنشود ( الحيّ القديم )
" جادك الغيث إذا الغيث همى *** يا زمان الوصل بالأندلس "
بيت شعري للسان الدّين بن الخطيب ( شاعر أندلسي )
اعتمدت السّاردة على تقنية الاقتباس أو التضمين ( التناص ): حضور نصّ سابق في
نصّ لاحق
إنّ العلاقة بين مضمون هذا البيت الشعري الذّي استشهدت به السّاردة و بين
حديثها عن أزمتها الخانقة هي علاقة تقاطع و ترابط
= علاقة ترتكز على معنى الحياة و العطاء، فكما أنّ المطر يرمز إلى الحياة و
العطاء ( " و جعلنا من الماء كلّ شيء حيّ " ) فإنّ الحيّ القديم يرمز
إلى الحياة
الحيّ القديم: عنوان الحياة الحقيقيّة
الحيّ القديم: هو جوهر الحياة الحقيقيّة
= علاقة ترتكز على معنى التواصل و اللّقاء بين الحبيب و محبوبه: علاقة حبّ و عشق
( " الوصل " )
= علاقة تشير إلى معنى الانفصال و التباعد و الفراق ( البين ): ضياع الأندلس
هناك مراوحة بين الوصل و البين، بين التواصل و الانفصال
الاشتياق حنين أبديّ إلى هذا الحيّ العتيق الذّي يسكن ذات السّاردة ( قلبها و
عقلها )
الحيّ العتيق جزء من ذات السّاردة
الحيّ العتيق حاضر باستمرار في ذات السّاردة، كأنّه شمس لا تغيب أبدا
المقطع الثّاني: الماضي
أفتقد ( * 5 ): تكرار
إنّ هذه الكلمة هي مركز ثقل النصّ، فهي التّي تشدّ أجزاءه و تدفع بحركة المعنى
فيه
الافتقاد يكون عادة لموضوع عزيز على القلب و لكنّه أصبح غير موجود ماديّا (
الغياب المادّي عُوّض بحضور نفسيّ )
هذا التكرار ( أفتقد * 5 ) يُضفي على النصّ إيقاعا مخصوصا: غنائيّة خاصّة
= كأنّ السّاردة تبكي حيّها القديم الذّي غادرته
= كأنّها تستحضر هذا الحيّ وجدانيّا: التكرار اللفظيّ يحمل مدلولا سحريّا (
الرّغبة في إنشاء ما كان )
زُقاق الحيّ: مركّب إضافي
اعتدتُ: التكرار
تفيَّأ بالشَّجرة وغيرها : استظلَّ بها ، التجأ إليها " تفيّأ بعباءته من
شدَّة الحرّ "
تفيَّأت الظِّلالُ انبسطت ، تقلّبت ومالت " { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا
خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ
سُجَّدًا لِلَّهِ } : تدُور ظلاله وترجع من جانب إلى جانب "
أرشِفُ / أتفيّأ / تَحَايا / بسْمة / يُهدهِدُ / الأنسُ / الدّافئ: معنى
الألفة و الأمان
مجالات هذا الفقد:
= الجانب المعماري: الزقاق + الأزقّة = الضّيق = حيّ عتيق تقليدي
هذا الجانب سيؤثّر إيجابيّا في الجانب الاجتماعي
= الجانب الاجتماعي: = القُرب + التواصل + الترابط + التكاتف + المُشاركة +
الألفة + الأمان
تكمن قيمة المكان ليس في البعد المادّي الجغرافي فقط، و لكن في ما يختزنه من
علاقات اجتماعيّة و من ذكريات
المكان = جزء من هويّة الإنسان
يتردّد هذا المقطع بين الحاضر و الماضي:
فعل التذكّر: الحاضر
مجالات التذكّر: الماضي
و هو ما يؤكّد شدّة تلك الأزمة التّي تُعاني منها الشخصيّة
المقطع الثّالث: الحاضر
لم أعُدْ: نفي + جزم
أسكُنُ: صيغة المضارع: عدم الانقضاء
مُنزويا: نعت
حيّ عصريّ: مركّب نعتي: مجرور
الأخرس = الصّامت
تُجهضُ: تسْقط / تتلاشى
هناك تناقض بين الحيّ العتيق و الحيّ الجديد
الضّيق المادّي ========== الاتّساع المادّي
القرب المادّي ========== البُعد المادّي
تواصل اجتماعي =========== انفصال اجتماعي
الأمان ========== الخوف
راحة نفسيّة =========== اضطراب نفسي
هذا التناقض سيعمّق مشاعر النفور من الحيّ الجديد و سيجعل الذّكرى تشتدّ
إنّ حركة هذا النصّ هي حركة دائريّة، فهي تنفتح بالحاضر و تنغلق به. و هو ما
يؤكّد تلك الأزمة الخانقة التي تُعاني منها الشخصيّة بسبب عدم تكيّفها مع الحيّ
الجديد.